نظرة الأطفال للمال هي نظرة موروثة من الأهل، لذلك علينا أن نساعد أطفالنا على تعلم أفضل الطرق للتعامل مع المال.
هنالك فرق كبير بين اقتصاد العالم الذي نعيش فيه والعالم الذي كان آبائنا يعيشونه. كان الوضع أبسط كثيراً من الآن.
كانت نصيحة أهلنا هي التالية:
- تعلم واحصل على أفضل الدرجات.
- احصل على وظيفة جيدة.
- كوّن عائلة.
- قم بشراء/بناء بيت.
- اخلص للشركة التي تعمل فيها لتصل إلى سن التقاعد.
- يمكنك الآن أن ترتاح وتعيش على الراتب التقاعدي.
هذه النصائح نصائح مفيدة جداً لو كنا نعيش في مثل عالمهم. وظيفتك جاهزة حال تخرجك من الجامعة أو المدرسة في وضعهم!
الوضع الإقتصادي حالياً وضع معقد. على الفرد أن يكون قادراً على دخول سوق العمل مباشرة بعد الجامعة.
ليس كل خريجي الجامعات قادرين على الحصول على فرص عمل، ولذلك أصبح مطلوباً أن تكون مميزاً حتى تحصل على فرصتك.
ربما في مقالة لاحقة أقوم بذكر هذه الأمور، لكن حالياً تركيزي على نظرة الفرد في العائلة للمال.
نظرة الأطفال للمال ، ما لاحظته شخصياً
حالياً لدي ابنتان، واحدة في الصف الأول الإبتدائي والأخرى في المرحلة الأولى من الروضة.
عادة نقوم بإعطائهم وجبات من المنزل حتى يقومون بأكلها في المدرسة/الروضة، لكن نقوم بإعطاء إبنتي في المدرسة مصروفاً حتى تقوم بشراء ما تريد من مقصف المدرسة.
في اليوم الأول للمدرسة قمنا بإعطائها نصف دينار (500 فلس). وكنت على علم أنها لن تحتاج لاستخدامه. وإن استخدمته فستقوم باستخدام جزء منه.
عند عودتها كانت قدر استخدمت النصف دينار بالكامل. قامت بشراء أمور موجودة في حقيبة الغذاء التي تملكها.
سبب استخدامها للمبلغ هو وجود هذا المبلغ لديها. لم تكن تعرف أن هذا المبلغ موجود للاستخدام في حالة الإضطرار أو الرغبة في استخدامه.
في اليوم التالي قمت بإعطائها 200 فلس. وقامت بنفس الوقت باستخدام كامل المبلغ المعطى لها.
كنت في حالة مربكة. هل تحتاج هي لمبلغ نصف دينار أو 200 فلس تكفي؟
عند سؤالها قالت بأنها تحب الشراء بما لديها من نقود. تحب الذهاب للمقصف وشراء ما يمكنها شرائه بما لديها من مال.
لم يكن المبلغ في حد ذاتها مهماً. لم تحس بأن المبلغ زائد في حالة النصف دينار أو غير كافٍ في حالة ال200 فلس.
وبما أننا نقوم بإعطائها أكل كاف في حقيبة الأكل، قمت بتجربة إعطائها 100 فلس في أحد الأيام.
أخبرتنا بأنها استعارت 100 فلس من إحدى صديقاتها لأنها كانت تحب شراء الحلويات التي يقدمونها في المقصف.
نظرة الأطفال للمال ، تعزيز ثقافة أهمية المال وكيفية استخدامه
من خلال التجربة اكتشفنا بأن المبلغ المناسب هو 200 فلس. لكننا قمنا بإعطائها تحدٍ آخر ليساهم في تعزيز أهمية المال في حياتها.
قمنا بزيادة المبلغ إلى 300 فلس وأخبرنها بأنها يمكنها استخدام المال كما تشاء ولكن هنالك خطة يجب عليها الإلتزام بها.
الخطة 1: في نهاية كل شهر سنقوم بعدّ المبلغ الموجود في الحصالة وسنقوم بأخذها للسوق لتشتري بالمال الذي احتفطت به في حصالتها.
يمكنها مثلا أن تصرف 200 فلس في المدرسة وتحتفظ ب100 فلس يومياً حتى تقوم بوضعها في الحصالة.
أو تحتفظ بكامل المبلغ أو تقوم بصرفه. هي في النهاية المسؤولة عن المبلغ المتبقي في حصالتها بنهاية الشهر.
بهذه الطريقة نعزز فيها الرغبة في عدم صرف كامل دخلها، بل الحفاظ عليه من أجل هدف أكبر من الصرف اليومي.
الخطة 2: في نهاية كل شهر عليها أن تقرر ما بين استخدام المبلغ الموجود في الحصالة أو الإنتظار لنهاية الشهر القادم لشراء شيء أكبر أو بسعر أغلى.
نطلب منها كل شهر أن تقوم بعد المبلغ المتبقي في حصالتها ومن ثم أخذ القرار لاستخدام المبلغ لشراء ما تريد أو تركه لتقوم بزيادته حتى نهاية الشهر القادم.
بهذه الطريقة نحاول أن نعزز فيها الرغبة في وضع أهداف طويلة المدى. ليس عليك صرف المبلغ الذي قمت بتجميعه فقط من أجل الصرف.
يمكنك الإحتفاظ بالمبلغ لمدة 3 أشهر مثلاً أو ربما نهاية كل فصل دراسي حتى تقوم بشراء شيء ترغب بشرائه بشدّة.
نظرة الأطفال للمال ، الخلاصة
يمكننا تعزيز الثقافة المالية لدى أطفالنا من سن صغيرة، أو تركهم حتى يواجهوا الواقع بعد أن يكبروا.
تعزيز الثقافة المالية لديهم حالياً ليس بغرض التقتير عليهم. بل هو تجهيز للواقع الذي سيكون أكثر قسوة عليهم.
نحن نعيش في عالم مرهِق اقتصاديا. المتطلبات اليومية تزيد والمدخول لا يزيد.
عندما يكبر أطفالنا ويدخلوا سوق العمل، إن لم يكونوا يملكوا مهارة التعامل مع المال سيكونوا في وضع لا يحسدوا عليه.
مساعدة أطفالكم على فهم التعامل مع المال واجب عليكم.
لن يقوم أحد بشرح كيفية التعامل مع المال غيركم. لنحاول خلق مجتمع حر مالياً بدل خلق مجتمع مديون.
إشترك في قائمتنا البريدية
قم بالإشتراك في قائمتنا البريدية للحصول على المقالات الجديدة على بريدك حال نشرها
شكراً على الإشتراك.
حصل خطأ ما. لم تتم عملية الإشتراك.
اترك تعليقاً